تجربة أولية للكتابة - طوف ميدوسا

" طوف ميدوسا " 1819, ثيودور جيريكو, ألوان زيتية على قماش, 491 سم *716 سم, متحف اللوفر- باريس.













لوحة " طوف ميدوسا " او كما تعني في العربية " طوافة قنديل البحر". سبق وان كانت هذه اللوحة أحد الأعمال التي كلفت بالبحث عنها ضمن دراستي في تاريخ الفن، للكلاسيكية الجديدة والرومانتيكية. تعتبر " طوف ميدوسا" العمل الأشهر للفنان ثيودور جيريكو، نفذها بألوان زيتية على قماش كتان. مقاسها 491 سم *716 سم، وتتواجد حاليا في متحف اللوفر- باريس.

تعود هذه اللوحة لحادثة حقيقية لضحايا تحطم وغرق سفينة، بالقرب من ساحل موريتانيا في عام 1816م. والتي كانت قد اثارت الكثير من الجدل في ذلك الوقت، بسبب هروب القبطان والشخصيات المهمة، عبر زوارق النجاة، وتركهم للبسطاء. انتقل من بقي على السفينة المحطمة الى طوف: وهو عبارة عن أعمدة خشبية ضخمة. حاولوا ربط هذه الأعمدة ببعض على عجل، على أمل أن تسحبه زوارق النجاة خلفها. لكن ركاب هذه الزوارق قرَّروا قطع الحبال، وترك الطوف في عرض البحر، ولم يكن عليه سوى كيس من الخبز المبتل، والقليل من الماء العذب.

في ضوء هذه المأساة التي استمرت ثلاثة عشر يوما، نجا خمسة عشر شخصا بظروف صعبة، اضطروا فيها الى أكل لحم من لقي حتفه منهم من أجل البقاء على قيد الحياة.

يصور جيريكو اللحظة التي رأى فيها الأشخاص الخمسة عشر سفينة تقترب من بعيد، بعد كل المدة التي قضوها على متن الطوف الذي يكاد ان يتحطم. ما يجعل هذه اللوحة فريدة هو اختيار ثيودور تصوير خبر بدلاً من موضوع تاريخي يعتبر مرموقًا، حيث ان ذلك لم يكن شائعا نسبيًا في ذلك الوقت. 


ثيودور جيريكو، فنان فرنسي، ولد في عام 1791م، وتوفي  جراء للمرض عام 1824م، عن عمر يناهز 32 عاما. تأثرا لكونه من أسرة برجوازية ميسورة، كان مولعاً بالفن وركوب الخيل، ولم يكن مهتما بالدراسة. وعلى الرغم من وفاته شاباً إلا أنه أصبح من اهم روّاد الحركة الرومانسية.

اختار جيريكو هذه الحادثة لإطلاق حياته المهنية. هربا من مشاكله الخاصة والعائلية، انغمس بهذا الحدث وابدا اهتماما كبيرا لتفاصيله، مظهرا ولعه الكبير بالفن." فقد قام بعدة دراسات ورسومات مبدئية تحضيرا للعمل النهائي، بالإضافة إلى مقابلة اثنين من الناجين من الحادثة وقام برسم الطوف بتفاصيله وبأبعاده الحقيقية على مقياس مصغر. قام أيضا بزيارة المستشفيات حيث كان بإمكانه رؤية لون وملمس الجثث قبل موتها وبعدها."

"لاقت اللوحة بعد عرضها لأول مرة عام 1819 في صالون باريس الثناء والرفض بصورة متساوية محققة سمعة عالمية". وتعتبر هذه اللوحة حاليا مرجعا مهما للتاريخ المبكر للحركة الرومانسية في اللوحات الفرنسية.

كما تحتوي "طوف ميدوسا" عناصر من الفن التقليدي للرسم القصصي بسبب اختيار جيريكو لموضوع اللوحة والاظهار الدراماتيكي لها، لكنها كانت تتبع تنظيما لمدرسة فنية كانت سائدة في وقتها وهي الكلاسيكية الجديدة.


أخيرا من وجهة نظري، لوحة "طوف ميدوسا"، هي عمل استثنائي مختلف عن الاعمال والمواضيع التي رأيناها في نفس الحقبة الزمنية. أبدع الفنان جيريكو بتصوير اللحظة المأساوية بدقة عالية جدا. اعجبت كثيرا بالجهود التي بذلها لدراسة تشريح جسم الانسان وابعاد الطوف نفسه، موثقا لفضيحة تاريخية كبيرة نستطيع تداولها ليومنا هذا. كما شد انتباهي توصيل الفنان المشاعر القاتمة الموحشة لتلك اللحظة باختياره لدرجات لونية دافئة وداكنة، واختياره لوضعيات الجسد والتعابير الدراماتيكية. ما لم يعجبني في العمل هو عدم وجود ارتباط فعلي للفنان والحادثة فمن اطلاعي كان سبب انغماسه هو الهرب من مشاكله. شخصيا اعتقد ان هذا عيب كبير للعمل.
















المراجع 



تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة