الاصالة والمعاصرة ومفهوم الهوية عند الفنان

يونيو 11, 2023

الاصالة والمعاصرة ومفهوم الهوية عند الفنان

يعتبر الفنان حلقة الوصل بين المجتمع وأفراده عاكسا ظروف عصره وفلسفته مؤكدا على الابعاد الثقافية من عادات وتقاليد وأنماط معيشية وأفكار قد تكون حديثة قديمة.

فهُوية الشيء هي ثوابته، والثوابت لا تتغير، إنها بمثابة البصمة للإنسان. وكل ثقافة أو حضارة لها أصالة هي هويتها وحقيقتها؛ فالأصالة هي أصل الشيء وحقيقته ونسبه الذي ينتسب إليه، الأصالة في ثقافة ما هي جذورها الأصلية الثابتة المستعصية على الفناء والزوال والتغيير. وكل أصالة ثقافية لها معاصَرَة فريدة، ويقصد به تفاعل الثقافة والإنسان مع العصر الذي يعيش فيه، فيضيف به الجديد ويتجاوز به غير الملائم من مواريثه وفق المعايير التي هي أصالته وهُويته؛ فالمعاصَرَة لا تعنى أبدًا تقليد أو استعارة الثقافة المهيمنة في عصر ما، ولكنها الأصالة تتجلى في طور جديد.

عبد الرحيم سالم

عبد الرحيم سالم (مواليد 1955) هو رسام ونحات إماراتي ولد في دبي ويقيم في الشارقة في الإمارات العربية المتحدة.

أحد الأسماء المؤثرة في فضاء الفن المحلّي، وأحد أهم الروّاد المؤسسين للحركة التشكيلية بدولة الإمارات، رفقة مجموعة من أصدقائه الفنانين والأدباء والشعراء المهمومين بالتغيير والتنويع والتجديد، ثقافياً واجتماعياً وإنسانياً. من البحرين إلى دبي والشارقة ثم القاهرة، والعودة مجدداً للوطن، كانت تجارب ودراسات زادت من توسعة مدارك عبد الرحيم وصقلت مهاراته. عُرضت أعماله الفنية في العديد من المعارض الفردية الإقليمية والبيناليات الدولية، من أبرزها الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في بينالي البندقية في نسخته السادسة والخمسين (2015) ؛ وبينالي الفن الآسيوي (دكا، بنغلاديش، 1995). حاز عبد الرحيم على العديد من الجوائز القيّمة، ومنها الجائزة الأولى في بينالي الشارقة (1993) ؛ وجائزة لجنة التحكيم في بينالي القاهرة (1993).

قصص التراث وحكايات وأساطير المجتمع مثلت مصدرا مهما للوحاته وعنوانا لشغفه لما لذلك من قيمة.

مثال على ذلك الحكاية الشعبية الإماراتية التي تحكي قصة فتاة جميلة عاشت في الشارقة خلال خمسينات القرن الماضي، شغلت الرجال بجمالها وعفتها كان اسمها مهيرة، إلا أنها تحولت بين ليلة وضحاها إلى فتاة مجنونة تهيم في الشوارع، وتتابع الحكاية: ان رجلا أحبها ورفضته، فعمل لها سحراً جعل منها تلك الفتاة الهائمة على وجهها. تلك الحكاية التي نُقلت شفوياً جيلاً عقب جيل عبر الذاكرة الشعبية الإماراتية، تبناها عبد الرحيم سالم، فكانت موضوعة انطلاق مشروعه الفني، حيث رأى فيها صورة المرأة التي قالت في وجه الرجل لا، وصارت رمزاً يحضر في لوحته.