الهوية والفن الحديث في الشرق الأوسط

 



بدو، ميشيل كرشة، المتحف الوطني بدمشق



الهوية الفنية التشكيلية الحديثة في سوريا


نشأت الحركة الفنية التشكيلية الحديثة في سوريا في بداية القرن العشرين، وقدمت جيلا من 

الفنانين الرّواد الذين أسهموا في وضع أسس هذه الحركة التي أدخلت الفن التشكيلي في البلاد الى 

مرحلة جديدة، أبعدتها عن الفنون التقليدية المتوارثة وعن الصياغات الفنية القديمة، كاللوحات 

التصويرية التي كانت تعد جزءا من تزيين القصور والبيوت ضمن إطار زخرفي شرقي، فكانت 

تُرسم على الجُدُر مباشرة، وفي غالب الأحيان كانت لوحات ثنائية الأبعاد تصور المناظر الطبيعية

 والمعمارية للبيئة المحلية المحيطة


واتجهت هذه الحركة الفنية الوليدة، مع جيل الروّاد، الى الفن الغربي حيث ادخل العديد من 

المفاهيم الجديدة، كمفهوم "اللوحة" التي تصور الموضوع، وتضعه ضمن إطار محدد، 

وتعرضه في اماكن مختلفة


ظهر مصطلح الحداثة في الفن التشكيلي الغربي في أواخر القرن التاسع عشر، فقد كانت 

هناك ثورة نقدية تجاه المفاهيم الاكاديمية الفنية المتعارف عليها، حيث اصبح الفنان التشكيلي

 يطمح الى تقديم إبداع فردي له أصالته، ويعبر عن مرحلة، وحضارة ، ويعكس الواقع 

سواء كان اجتماعيا ام سياسيا ، مستعينا بالأشكال الحديثة والمفاهيم الفنية المعاصرة .


برزت الرغبة لجيل الرواد في سوريا بمحاكاة الفن الغربي، من خلال تقليد المدارس 

والأساليب والتقنيات، و كان التأثير الغربي للانطباعية واضحا بشكل كبير، خاصة لجيل الرواد

إلا انه لا يخلو من البصمة الشرقية التي رافقت الإنتاج التشكيلي طوال مدة وجوده حتى الآن

 ميشيل كرشة (1900-1973)

 احد اعمدة الفن التشكيلي في سوريا الفنان، حظيت تجربته بالاهتمام والتقدير لما قدمه للحركة الفنية، 

حيث يعد رائد الانطباعية الأول والممهد الأول للتيارات الفنية الحديثة التي شاعت في الغرب في الفن 

السوري. اتاحت له زيارته الى باريس 1924\1926 الى الاطلاع على اعمال الانطباعيين المهمين مثل 

كلود مونيه ورينوار ومانيه واخرين، فعند عودته لسوريا حافظ على أسس المدرسة الانطباعية فجعلت 

ألوانه اكثر بهاء، واهتم بتأثير اللون و الضوء وسقوطه على الأشياء.



بلودان 1940، ميشيل كرشة

دمشق، 1934 ميشي كرشة

غلب على اعمال الفنان ميشيل اهتمامه بالتعبير عن اللحظة الحسية الآنية معبًرا عن اتجاه فني 

جديد في الحركة الفنية السورية، فصار يعد مرآة للانطباعية الأوروبية بنكهة محلية صادقة.



الفنانة ليلى نصير (1941)

فعن تجربتها ترسم ليلى الوجوه الانسانية في معظم لوحاتها بألوان الباستيل الزيتي، ترسم 

موضوعها في البداية على ورق سميك وبكثافات متباينة ثم تطبعها باستخدام مكواة حارة على اللوحة 

القماشية وبهذه التقنية المبتكرة تستطيع أن تحقق طموحها الإحساسي في لوحتها فيخرج العمل على

شكل بقع لونية متداخلة مع بعضها لتشكل في النهاية الوجه التعبيري المحطم الذي يحاكي مع الوجه 

السوري الذي تحطمت آماله وطموحاته منذ الستينيات في القرن المنصرم وإلى وقتنا الحاضر.

اقامت الفنانة ليلى بالعديد من التجارب والتقنيات المتعددة والمتنوعة منذ عودتها من دراسة الفنون في

 القاهرة اواسط الستينياتثم استقرت على اسلوب خاص وهو مزيج بين التشخيص والتعبير المجرد



وجه امرأه للفنانه ليلى نصير


Untitled' Mixed Media on Carton, 37 x 27 cm

2/2


'Untitled' Mixed Media on Carton, 37 x 27 cm

1/2




لوحات الفنانة ليلى مشكلات عامة عالجت فيها قضايا مختلفة تهم الإنسان في العالم كله كالتمييز

العنصري – وضع المرأة – الاضطهاد، إضافة إلى الموضوعات التي تعبر عن معاناة الإنسان

 السوري خصوصا...




ختاما، هناك العديد من الفنانين التشكيليين ساهموا في حداثة الحركة الفنية السورية، نجد من احد

 نتائجها المهمة هي التشابه الكبير بين معظم الفنانين وبخاصة أبناء الجيل الواحد في الأسلوبية والفكر 

والتقنية إضافة إلى الموضوعات التي يسيطر على أغلبها جو من الكآبة واليأسإضافة إلى أنهم عكسوا

 للمراحل السياسية والأزمات الوطنية التي مرت بها سوريا، فكانوا صدى ومرآة لكل الأحداث متفاعلين 

مع العامة، معبرين عن أحاسيسهم ومشاعرهم بروح قد تكون تقليدية ولكن لا تخلو من التطوير

 والحداثة.









المراجع


https://www.atassifoundation.com/ar/lfnnwn/lyl-nsyr?view=slider#2

https://syrmh.com/2019/09/25/بلودان-1940-لوحة-للفنان-ميشيل-كرشه/

https://syrmh.com/2019/10/01/دمشق-1934-لوحة-للفنان-ميشيل-كرشة-3/

https://www.marefa.org/ميشيل_كرشة

https://www.harmoon.org/wp-content/uploads/2020/06/الحداثة-والمدارس-الفنية-في-التصوير-السوري_compressed.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة